تحديات أمام البنوك الإسلامية على ضوء أزمة Mauribank
الأحد, 14 سبتمبر 2014 10:21

alt

تثير المشاكل المتلاحقة التي يواجهها البنك الإسلامي الموريتاني (موريس بنك)، و هو أحد البنوك الإسلامية حديثة النشأة في بلادنا، مخاوف جدية مما يمكن أن تصل إليه المشاكل البنيوية و المعوقات و التحديات القانونية و الشرعية و الإدارية و المالية و التشغيلية التي تواجه البنوك الإسلامية الوليدة و تأثير ذلك على واقع و مستقبل المالية الإسلامية في البلد و على القطاع المالي و المصرفي بشكل عام.

و بالرغم من شح المعلومات و تضارب المصادر المتوفرة عن ماهية الأزمة وأسبابها الحقيقية، بين من يؤكد بنيوية الأزمة و يعيدها إلى أخطاء التأسيس و عدم التقيد الشفاف بالالتزامات والشروط الواجب توفرها قانونيا لتأسيس أي بنك بفعل ملابسات منح الرخصة، و بين من يعيدها إلى أسباب عادية تتعلق بانعدام السيولة و ضعف التجربة المهنية و عدم التقدير الجيد للتكاليف الباهظة للاستثمارات الأولية( بنايات، مصادر بشرية، بني تحتية، تجهيزات معلوماتية ....)، بالرغم من كل ذلك فإن هذه الأزمة لا يمكن إلا أن تشكل جرس إنذار لصانعي القرار المالي عامة و للبنوك الإسلامية الوليدة الأخرى و لسلطة الوصاية و التنظيم المتمثلة في البنك المركزي الموريتاني خاصة.

و لتفادي وقوع بنوك إسلامية أخرى في ذات المشكلة أو ما يشبهها، و لضمان نجاح تجربة المصرفية الإسلامية في بلادنا و تجنيبها المطبات السابقة( فشل تجربة مجموعة البركة المدوي)، فإن من واجب الفاعلين الماليين و متخذي القرار في هذه المؤسسات أن يدركوا حجم التحديات و المعوقات التي تواجههم و ستواجههم لا محالة، و أن يعملوا منذ البداية لوضع الإستراتيجيات الكفيلة بتجاوزها، و تفادي الوقوع في أخطاء و مخاطر يمكن تجنبها. و هكذا فإن هناك جملة رهانات و تحديات لا يمكن القفز عليها، و يجدر بمتخذي القرار في هذه المصارف و في البنك المركزي أن يعوها و يعملوا لتذليلها سبيلا لإنجاح تجربة البنوك الإسلامية في بلادنا، و الاستفادة وطنيا من مزايا المالية الإسلامية المشهودة عالميا.

و للمساهمة فيما أعتبره تحديا وطنيا يجب النجاح فيه، فقد ارتأيت أن أبسط باختصار أمام القراء الأعزاء، من مهتمين و مختصين، التحديات الرئيسية التي تواجه المصارف الإسلامية حديثة النشأة في بلادنا محاولا تبيان سبل التغلب عليها بالاستناد على تجارب الدول الشقيقة و ما واجهته من مصاعب في بداية إدخالها للمصرفية الإسلامية في نسيجها المالي. و لضرورات تنظيمية و منهجية قسمتها إلى تحديات قانونية و شرعية و اقتصادية و مالية و تشغيلية و ثقافية لأختم بجملة من النصائح و التوصيات.

أولا التحديات القانونية

• الغياب التام للإطار القانوني ، إذ لا يوجد قانون خاص بالمصرفية الإسلامية و بالتالي فإن البنوك الإسلامية المرخصة حتى الآن مجبرة على التعامل مع الربا الذي أنشأت على قاعدة تحريمه.

• تجبر البنوك الإسلامية المرخصة حتى الآن على نسبة الاحتياطي و نسبة السيولة وكذا سقف الاقتراض.

• لا تستطيع البنوك الإسلامية الجديدة الاستفادة من السيولة لدى البنك المركزي لأن كل معاملات هذا البنك قائمة على الفائدة المحرمة و لانعدام إطار قانوني يدخل الأدوات الإسلامية لمعاملاته حتى الآن. ثانيا التحديات الشرعية

• عدم وجود هيئة شرعية مركزية لدى البنك المركزي، تكون قراراتها ملزمة لجميع البنوك الإسلامية محليا.

• ضيق اختصاص الهيئات الشرعية و هامشية دورها محليا و تضارب آرائها عالميا نتيجة اختلاف المذاهب.

• عدم وجود فقهاء متخصصين في فقه الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات المصرفية و ضعف إلمام المراقبين الشرعيين بالعلوم المالية الحديثة.

ثالثا تحديات مالية و اقتصادية

• صعوبة ممارسة أعمال التجارة، وتملك المعدات والعقارات واستئجارها وتأجيرها مع أن تلك الأعمال من صميم أنشطة البنوك الإسلامية التي هي بطبيعتها بنوك شاملة.

• ندرة الاستثمارات طويلة الأجل والصغر النسبي للمصارف الإسلامية.

• انعدام إطار مؤسسي للتنسيق بين المصارف الإسلامية يمكنها من مواجهة التحديات مجتمعة، خاصة فيما يتعلق بتبادل فرص استثمار الفوائض و مواجهة انعدام السيولة، و كذا إقامة شراكات في تمويل المشاريع الكبيرة و تأسيس صناديق الاستثمار المشتركة.

• إبعاد تهمة التحايل على الربا من خلال الابتعاد عن المرابحات الصورية و التركيز ما أمكن على المشاركات و التمويلات الإنتاجية، خاصة في ظل استخدام معظم البنوك التقليدية في بلادنا لصيغة المرابحة.

• تركيز البنوك الإسلامية المحلية حتى الآن على الخدمات و ضعف أو عدم وجود أقسام الاستثمار و تمويل المشاريع.

رابعا: تحديات تشغيلية و ثقافية

• إن زيادة وتنوع أدوات الاستثمار لدى المصارف الإسلامية وتوسع آفاقها، يتطلب موارد بشرية ذات كفاءة عالية تستطيع تطوير وابتكار أدوات استثمارية جديدة ومتنوعة بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.

• افتقار المصارف الإسلامية إلى التنظيمات الخاصة التي تحدد إجراءات التأسيس، وقواعد المراقبة والتفتيش، والتنسيق فيما بين الإدارات وفيما بين المصارف الإسلامية.

• المنافسة الشرسة التي تواجهها من المصارف الموجودة داخل البلد.

• انحياز الإطار القانوني الحالي للبنوك التقليدية مما يحد من تنافسية البنوك الإسلامية.

• ضعف التوعية بالفروق الجوهرية بين المصارف الإسلامية والتقليدية، فالمواطن لا يفرق بين الزيادة التي يدفعها للبنك التقليدي باسم الفائدة، وبين الزيادة التي يدفعها للمصرف الإسلامية باسم المرابحة.

• اعتقاد بعض الناس أن المصارف الإسلامية تملك عصا سحرية لتصحيح أوضاعهم وحل مشكلاتهم.

• اكتتاب موظفين لا يؤمنون بفكرة البنوك الإسلامية و تميزها، و عدم إخضاعهم لدورات تكوينية تقنعهم بأسس المصرفية الإسلامية و تعطيهم فكرة عن فقه المعاملات الذي يشكل الأساس النظري لها، و مما يزيد من شكوك الزبناء حول إسلامية هذه البنوك و يعطي حجة للمشككين و المعادين لها عدم التزام بعض هؤلاء الموظفين بالاحتشام و بالأخلاق الإسلامية التي المفروض أن تحكم سلوك المنتسبين لهذا الحقل الحساس.

خلاصة

و هكذا فإن ترسيخ المصرفية الإسلامية في هذا البلد و إنجاح تجربتها يقتضى من القائمين عليها من ملاك و مديرين و موظفين استشعار التحدي و المسؤولية لمواجهة المشككين و حملات المنافسين للنيل من صناعتهم و بشكل خاص تشكيك الجمهور في صدقية التزامهم بأسس و مبادئ الشريعة، و يجب على بنوكنا الإسلامية الوليدة بالخصوص

 ضرورة أن تتضافر الجهود لوضع قوانين خاصة لإقامة العمل المصرفي الإسلامي وممارسته، بحيث تعمل على تسهيل عمل المؤسسات المالية الإسلامية وتسمح لها بالعمل وفق القواعد الإسلامية

 الحرص على توفير مزيد من المعلومات المفصلة والدقيقة للزبناء و للمستثمرين خاصة بهدف استجلاب الودائع الاستثمارية.

 التركيز على دراسات المشاريع و بذل جهود مضاعفة لتنمية الاستثمارات و خلق أحسن الفرص و أكثرها أمانا لأموال المودعين.

 استحداث أدوات مالية للتمويل طويل الأجل من خلال السندات والصكوك الإسلامية وإيجاد فرص للاستثمار فيها.

 التأكد من أن زبناء البنوك الإسلامية لن يثقوا في عملياتها ما لم تتفق مع الشريعة فمعظمهم اختاروها لتوافقها مع الشريعة قبل أي شيء آخر..

 إحلال التعاون بدل التنافس بين البنوك الإسلامية و الحرص على تبادل الخبرات و فرص الاستثمار، و التعاون بشكل خاص لاستثمار الفوائض و حل مشاكل السيولة.

 

 التركيز على تطوير الموارد البشرية و الحرص على التزام الموظفين بأخلاق الإسلام و خاصة فيما يخص الاحتشام و الابتعاد عن كل ما يخالف الشريعة، و وضع الموظفين في ظروف مادية تساهم في وضعهم فوق الشبهات.

باب سيد أحمد سيداتي، إطار مصرفي مهتم بالمصرفية الإسلامية

تحديات أمام البنوك الإسلامية على ضوء أزمة Mauribank