رجب أردوغان "سلطان جديد"..إسلامي بنكهة أتاتوركية
السبت, 05 يوليو 2014 11:21

رجب طيب أرودغان في حفل اختياره مرشحا لحزبه الثلاثاء الماضي ـ رويترز"الضمير" : قرر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عدم اختصار سنوات حكمه بـ 11 عاما على رأس الحكومة، بل الانتقال إلى مرحلة سياسية أخرى عبر الترشح رسميا لمنصب رئيس الجمهورية لخلافة رفيق دربه عبد الله غل، الذي أعلن أنه لن يترشح لولاية جديدة.   لم يكن إعلان حزب العدالة والتنمية عن ترشيحه اردوغان لمنصب الرئاسة مفاجئا، فلا يخفى على احد ان الرجل القوي وبعد ثلاث ولايات على رئاسة الحكومة يسمح بها حزبه، لا يريد التوقف عند هذا الحد، بل يسعى لمواصلة عمله في أحداث تغييرات على الحياة السياسية التركية.

  وفي الستين من عمره، ما زال اردوغان إلى حد بعيد الشخصية السياسية الأكثر شعبية والأكثر ذكاء وجاذبية منذ أيام مصطفى كمال اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة.   ويختصر دبلوماسي وصف اردوغان بالقول إنه "الرجل المسيطر على السياسة التركية".   وبالنسبة لغالبية من الشعب التركي فان اردوغان هو السياسي الذي منحهم عقد من النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي. ولكنه ومنذ حوالي عام تحول رئيس الحكومة نفسه ليصبح الشخصية السياسية "مكروهة" لدى عدد معارضيه خوصا من الشباب.   وتأثرت سمعة اردوغان الذي وُصف بأنه "ديكتاتور" خلال احتجاجات يونيو العام الماضي الشهيرة، واتهم في قضية فساد مالي غير مسبوقة في الشتاء الماضي، الأمر الذي هز فعليا أركان نظامه.   وتظهره تسجيلات هاتفية مقرصنة لم يجر التحقق من صدقيتها على أنه "عراب" يبتز الرشاوى من أرباب العمل أو مستبد يفرض ما يريده على وسائل الإعلام. وقد أثارت قراراته بحجب مواقع التواصل الاجتماعي ومنها يوتيوب وتويتر ردود فعل واحتجاجات في تركيا والعواصم الغربية على حد سواء.   وبحسب أبرز معارضيه كمال كيليغدار اوغلو فان اردوغان "فقد نهائيا أي شرعية لحكم البلاد".   لكن اردوغان الذي يصفه منافسوه ومؤيدوه أحيانا بأنه "سلطان" جديد بروح عثمانية، لم يستسلم. ولأنه يثق بقدرته الانتخابية عمد إلى الرد على الحملات ضده عبر استئناف إستراتيجيته المفضلة، وهي الاضطلاع بدور الضحية.   وخلال أسابيع عدة، ألهب اردوغان حماسة أنصاره بالحديث عن "مؤامرة" تستهدف تركيا وشخصه يقودها حلفاؤه القدامى في جماعة فتح لله غولن الإسلامية. ونجح رئيس الحكومة في مهمته وانعكس ذلك في حصول حزبه على غالبية الأصوات في الانتخابات البلدية في مارس الماضي (45 في المائة من الأصوات).   فمن خلال ترسيخ صورة الرجل القوي المتفهم لهموم المواطن التركي العادي، وصل هذا الفتى الذي ترعرع في الأحياء الشعبية لاسطنبول، إلى أعلى هرم السلطة.   وكان "طيب" الذي تعلم في مدرسة دينية وعمل بائعا متجولا، امتهن كرة القدم فترة قصيرة، قبل أن يخوض غمار السياسة تحت راية التيار الإسلامي.   في العام 1994، انتخب رئيسا لبلدية اسطنبول، أكبر مدن تركيا، وبعد ثماني سنوات (2002) فاز حزبه العدالة والتنمية في الانتخابات النيابية ليصبح رئيسا للوزراء في 2003، بعد إسقاط عقوبة بالسجن صدرت في حقه لأنه أنشد قصيدة دينية في العلن.   وخلال سنوات عدة حصدت سياسته القائمة على الديمقراطية المحافظة، التي توائم بين الرأسمالية الليبرالية والإسلام المعتدل، النجاح تلو الآخر، وحفزتها نسب النمو الهائلة للاقتصاد التركي، والصعود الكبير لتركيا سياسيا واقتصاديا واستيراتيجيا، حتى بات انضمامها للاتحاد الأوروبي الذي كان مطلبا ملحاً، مجرد طموح عادي نظرا لتطورها الاقتصادي الكبير محتلة الرقم 15 في الاقتصاد العالمي.   وبعد إعادة انتخابه في 2007 ثم في 2011 بحصوله على حوالي 50% من الأصوات، بات يحلم بالبقاء بالحكم لفترة طويلة وحتى عام 2023 للاحتفال بالذكرى المائوية لتأسيس الجمهورية التركية.   لكن هذا السيناريو بدأ بالخروج عن الخطة المرسومة في يونيو العام الماضي. وطوال ثلاثة أسابيع نزل أكثر من 3,5 ملايين تركي إلى الشوارع احتجاجا على سياسة القبضة الحديد التي يمارسها وسياسته التي تتسم بميولها "الإسلامية" أكثر فأكثر.   أما رئيس الحكومة فرد عبر اعتماد سياسة قمعية متشددة ضد "الأنذال" و"الإرهابيين" الذين يعارضونه، ولكن رصيده الديمقراطي تلقى ضربة قاسية.   ويختصر ايلتر نوران الأستاذ في جامعة بيلجي في اسطنبول سياسة اردوغان بأنه "منذ تسلم الحكم تحول تدريجيا من البراغماتية إلى الإيديولوجية، ومن العمل الجماعي إلى القرارات الشخصية، ومن الديمقراطية إلى الاستبداد".   وفي مايو الماضي، وبعد كارثة منجم سوما، التي وقع ضحيتها 301 قتيل، عمق اردوغان من صورته المتناقضة عندما وجه سبابا معاديا لإسرائيل إلى احد المتظاهرين وهدد آخر بالتعرض له جسديا.   وبالرغم من أن تلك الحوادث أثارت السخط ضد اردوغان، لا يبدو أن أحدا يستطيع الوقوف في طريقه خاصة أن اقتصاد البلاد، حجته القوية دائما، لا يزال قادرا على الصمود برغم الأزمات.   وبعد ولاية اتسمت بالاعتدال والهدوء في ظل حكم رفيقه في الحزب عبدالله غول، يشك كثيرون اليوم في رئيس جمهورية حزبي وصعب وصدامي.   وفي هذا الصدد يتساءل الصحافي سميح ايديز "كم من الوقت يستطيع أن يحكم بصفته رئيسا حزبيا في حرب مع نصف الشعب؟"   أما الأستاذ الجامعي أحمد انسل فيقول "سيستخدم اردوغان سلطاته الدستورية كافة حتى آخر نفس"، مضيفا "هذا سيؤدي إلى أزمة حقيقية للنظام في تركيا، وهو نفسه مصدر عدم استقرار واضطرابات".

نقلا عن صحراء ميدياء

رجب أردوغان