دفاعا عن هيبة القضاء/ القاضي محمد ينج محمد محمود |
الاثنين, 09 يونيو 2014 19:10 |
"الضمير" : في يوم:21/05/2014 أصدرت إدارة المصادر بالوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة تعميما جاء فيه(في إطار التقييد البيومتري المكثف وما صاحبه...من انتشار لشبكات تزوير الأحكام القضائية تقرّر وضع الصورة عليها ختم المحكمة الناطقة بالحكم على جميع الأحكام القضائية لإثبات نسبة هذه الأحكام لحامليها المتقدمين للتقييد...يمنع منعا باتا ...مخالفة هذا الإجراء الاحترازي وسيتعرض كلّ مخالف له لأقصى العقوبات) ولأن معظم القضاة لم يتقيدوا بأوامر الوكالة الموقرة استنجدت بوزير العدل ونظرا لقوة وشائج الصلة التي أصبحت تربطه بالقضاة ونتيجة لغرابته عن القانون (وكفاءة مستشاريه) أصدر هو الآخر بتاريخ:04/06/2014 تعميا إلى رؤساء المحاكم جاء فيه بعد الثناء على الوكالة الموقرة: ( ... لتسهيل مهمة هذه الهيئة وضبط عملها فإنّني أطلب منكم إلزام الراغبين في الحصول على أحكام وقرارات ثبوت الحالة المدنية مثل:تصحيح العقود الميلاد الزواج الطلاق الوفاة النسب والفقدان بتقديم صور المعنيين الشمسية ووضعها على أصول الأحكام والقرارات ودمغها بالأختام الرسمية...) ومن هنا نود أن نورد الملاحظات التالية التي سنبين في بدايتها من له الاختصاص بإصدار وثائق الحالة المدنية والاختصاص الممنوحة للقضاء لإصدار بعض الأحكام المتعلقة بإثبات بعض أحداث هذه الحالة وذلك لأنّ هذا الموضوع ملتبس كما هو واضح في ذهن بعض القضاة ووزارة العدل والوكالة الموقرة بداية يجب التذكير بأنّ الأصل في أنّ أوراق الحالة المدنية تنجزها الإدارة بعيدا عن القضاء وهذا ما كان عليه الحال حتى الآن ذلك أن مراكز الحالة المدنية هي من يمنح مستخرجات من عقود الحالة المدنية سواء تعلق الأمر بعقود الميلاد (م33 وما بعدها من ق ح م) والزواج (39 وما بعدها من ق ح م) والطلاق(44 وما بعدها من ق ح م) والوفاة (50 وما بعدها من ق ح م) و ذلك على النحو التالي: 1-عقد الميلاد تمنحه وكالة الحالة المدنية في الحالات العادية طبقا للقانون بناء على: ا-التصريح المقام به في الأجل المحدد بالمادة:34 من ق ح م (أي 60 يوما)والمصرح به من طرف الأشخاص المحددين بالمادة:33 من ق ح م وذلك لدى المركز التي وقعت الولادة في اختصاصه الترابي أو الذي يقع في حيّز اختصاصه مقر إقامة الأبوين وذلك بعد تقديم المصرح للوثائق التالية: *مستخرج من سجل المواليد صادر عن المنشأة الصحية العمومية أو الخصوصية التي حدثت بها الولادة *مستخرج من عقد زواج أب وأمّ المولود (راجعوا المادة:34 من ق ح م) ب-في حالة ما لم يقع التصريح بالميلاد في الأجل المنصوص في المادة:34 المشار إليها أعلاه فإن على ذوي الشخص أو الولد اللجوء للقضاء لاستصدار حكم بثبوت زواج لأب وأم المولود طبقا للمادة:42 هذا الحكم الذي تنص ذات المادة - وفي نقطتها الأخيرة- على أنّه يجب أن يتضمن الأسماء الشخصية والعائلية للأولاد الناتجين عن الزواج وكذلك تواريخ ميلادهم فعند تقديم مثل هذا الحكم لمركز الحالة المدنية يجب علي رئيس المركز تسجيل الأولاد اللذين تضمنهم الحكم المتضمن ثبوت زواج أبيهم بأمهم وهذا المنحى الذي عمد إليه المشرع في قانون الحالة المدنية عملي ويتميز بأنّه يمكن من اختصار الوقت بالنسبة للمحكمة والمتقاضين أمّا إصدار الحكم بثبوت الميلاد والذي تلح عليه الوكالة الموقرة وأجبرت بعض القضاة على إصداره رغم أنّهم ليس لهم أيّ مسوغ قانوني لإصداره في ظل قانون الحالة المدنية الجديد انطلاقا من الأمور التالية: *أن المشرع منزه عن السهو وعندما لم ينص في المادة 42 وما بعدها من قانون الحالة المدنية الجديد على إمكانية إصدار القاضي للحكم بثبوت الميلاد وهو ما قرّر بالمادة:79 من قانون 19/96 - قانون الحالة المدنية الملغى بالقانون الحالي- فذلك لأسباب تقتضيها المصالح العامة للبلد - بينّا بعضها سابقا- وبالتالي فهو أمر منه بوجوب الكف الفوري عن القيام بإصداره خاصة أنّه أعني المشرع احتفظ للقاضي بإصدار أحكام ثبوت الزواج(م42) والوفاة(م50) *أنّ الأصل عدم الاختصاص أصلا خاصة بالنسبة للقضاء المدني الذي يعد اختصاصه في الأمور التي لا تتعلق بنزاعات مدنية استثنائيا أحرى إذا تعلق الأمر بأمور من صميم عمل الإدارة قديما وحديثا هذا في ما يتعلق بعقد الميلاد 2-عقد الزواج ويتم إصداره بناء على: ا-إجرائه أعني الزواج أمام رئيس مركز الحالة المدنية م 40 ق ح م الجديد ب- خارج هذه الحالة أي إبرامه أمام ضابط الحالة المدنية فإنّ إثبات الزواج لا يمكن إلا عن طريق قرار قضائي حائز على قوة الشيء المقضي به حسبما تنص عليه المادة:م 42 من ق ح م وسبقت الإشارة إلى بعض ما يجب أن يتضمن الحكم من معلومات 3-عقد الطلاق ويتم إصداره بناء على تقديم الزوج : -لتصريح بالطلاق يتضمن اعترافا قضائيا به أي أنّ الزوج يأتي إلى المحكمة ويصرح أمام القاضي وكاتب الضبط بطلاقه لزوجته فيثبتان هذا التصريح ويوقعانه صحبته ويعطيانه نسخة منه يقدمها لضابط الحالة المدنية لتسجيلها ويمنحه عقد طلاق (م44) ممّا يعني أنّ الطلاق لا يصدر حكم قضائي به تماما كثبوت الميلاد و يكتفي فيه بالتصريح وهذا مغزاه تبسيط الإجراءات وتسريعها الذي هو أحد الميزات المهمة في قانون الحالة المدنية الجديد - تقديم الزوج أو الزوجة لحكم قضائي يتضمن تطليقا و يصحب الاعتراف القضائي أو الحكم القاضي بالتطليق عند تقديمه لضابط الحالة قصد التسجيل بعقد زواج للزوجين المعنيين 4-عقد الوفاة و يتطلب الحصول عليه حسب نص المادة: 50 من ق ح م الجديد تقديم: -التصريح بالوفاة في أجل ثلاثين يوما من تاريخ الوفاة وفي الحالات العادية يصرح بها أحد الورثة ويجب أن يقدم المصرح لضابط الحالة المدنية: *مستخرجا من سجل الوفاة صادرا عن المؤسسة الصحية التي مات بها الفقيد *مستخرجا من عقد ميلاد الفقيد *الترخيص الإداري بالدفن *شاهدين وتنص الفقرة الأخيرة من ذات المادة أنّ المصرح إذا لم يكن لديه مستخرج من سجل الوفاة صادر عن المؤسسة الصحية التي مات بها الفقيد فإن الوفاة لا يمكن أن تثبت حينئذ إلا بقرار قضائي حائز على قوة الشيء المقضي به وبعد صدور القرار يقدمه المعني لضابط الحالة المدنية الذي يسجل حينئذ الوفاة ويصدر عقدا من عقود الحالة المدنية بها 5- أمّا محضر إثبات النسب فلا وجود له قطعا في قانون الحالة المدنية الجديد ولا أظن أن له وجودا من الناحية القانونية خارج عقل كلّ من وزارة العدل و الوكالة الموقرة هذا بالنسبة لتوضيح النقطة المتعلقة باختصاص ضباط الحالة المدنية بإصدار عقودها وحدود اختصاص القضاء المدني في إصدار الأحكام المثبتة لأحداثها أما في ما يتعلق بملاحظاتنا على التعميمين فسنوجزها باختصار في ما يلي: 1-أنه يتضح لنا من استعراض النصوص القانونية السابقة أنّ أطر وزارة العدل والقائمين على الوكالة الوطنية للوثائق المؤمنة لم يطلعوا على نصوص قانون الحالة المدنية الجديد ويشي بذلك أنّهم طلبوا من القضاء عبر التعميمين إلصاق الصور علي أحكام لم يجز قانون الحالة المدنية للقضاء إصدارها 2-أن إلصاق الصور على الأحكام خروج على الأعراف القضائية المحلية والدولية ولا يمكن أن يبرّر بتعميم لا من الوكالة الموقرة ولا من وزير العدل و ذلك أنّ ما تتضمنه الأحكام محدد بقانون الإجراءات المدنية وقوانين أخرى منها قانون الحالة المدنية الجديد بالنسبة لبعض الأحكام الخاصة وأعراف وتقاليد متوارثة سبقت وجود الدولة الموريتانية ومن صميم العمل القضائي الذي لا يتبع فيه القاضي إلا للقانون هذا بالإضافة إلى أنّه سيشكل سابقة في العالم أو شبه المنطقة أنأى بالجمهورية الإسلامية الموريتانية عنها ولم أكن أتوقع صدور تعميم مثل هذا من السيد وزير العدل نظرا لطيبته وإجلاله للقضاة وسعيه من يوم مجيئه لإصلاح القضاء والرفع من شأنه وهذا ما تجسد فعلا في زيادة مخصصات المحكمة التي أعمل فيها بخمسة وعشرين ألفا كما استفدت في أيامه من تكوينين وأنا من لم يستفد أبدا من أيّ تكوين قبله 3-إذا كان المقصود منه حسبما هو معلن الحيلولة دون تسجيل شخص بحكم ثبوت ميلاد لغير الصادر له فقد بينا سابقا أنّ هذا الحكم ليس للقضاة إصداره ومن يصدره منهم يفعل ذلك سهوا وليس تطبيقا للقانون وأنا أعذرهم في ذلك نظرا لأن: - قانون الحالة المدنية الجديد عند صدوره لم تنظم ورشات للتعريف به وعرض مزاياه وبالتالي بقي مجهولا حتى من طرف وزارة العدل والوكالة الموقرة - الجريدة الرسمية لا توزع على القضاة من طرف الوزارة ولا ترسل للمشتركين فيها عبر البريد والحصول عليها بالنسبة لمن هم في العاصمة يكلف كثيرا من الجهد لأنّها لا تصدر بطريقة منتظمة - شكل التوزيع المنتظم من طرف وزارة العدل لسجلات وشكليات هذه الأحكام إيهاما للقضاة من طرف الوزارة بأنّ قانون الحالة المدنية الجديد يتضمن منح القاضي اختصاصا بموجه يصدر الأحكام التي لم تعد من اختصاصه كما أنّه لا يمكن لأي قاض أن يحضر للمحكمة طفلا ليرى صورته ويلصقها بحضوره نظرا لما في ذلك من انتهاك لحقوق الطفل بتعريضه لمخاطر متعددة أبسطها اطلاعه على مشاكل الكبار ونزاعاتهم ممّا يورثه عقد متعددة كما حضوره يعرض المحكمة لمخاطر أخرى أقلها تبول الأطفال فيها نظرا لأن أطفال القرى لا يرتدون سراويل أحرى حفاظات 4-أن فرض إلصاق الصور مناف للتوجه الدولي والوطني المتمثل في تقريب العدالة من المواطن وتبسيط إجراءاتها وخفض تكلفتها من ناحية الزمن والمال فصورة الفرد الواحد مثلا تكلف ألفي أوقية في تمبدغة حسب أقوال بعض المواطنين كما أن هذا المذهب يضع عوائق إضافية في سبيل تسجيل المواطنين 5-أن هذا يشتم التقليل من شأن القضاء وشغل للمحاكم عن الأعمال التي أنشئت من أجلها فختم القاضي ووقته أقدس من أن ينفقا في إلصاق الصور ودمغها بطابع وإن كان لا بدّ من إلصاق الصور ودمغها بختم من أختام وزارة العدل فليأمر السيد الوزير أحد كتابه بإلصاقها ختمها بطابعه ذلك أنّ ختمه ووقت كتابه أقلا قطعا قداسة من ختم القاضي ووقته كما أنهما أكثر احتراما عند الوكالة الموقرة انطلاقا ممّا سبق وتأسيسا عليه أندّد بما تقوم به وكالة الوثائق المؤمنة من انتهاك لهيبة القضاء وأخبر كلّ من يهمه الأمر بأنّني دفاعا عن هيبة القضاء وسمعته لن أضع أيّة صورة تطبيقا للتعميم القاضي محمد ينج/ محمد محمود رئيس محكمة مقاطعة تمبدغة ومكون بوزارة العدل |