الملك في ذمة الله (سطور في تأبين بطل)
الجمعة, 11 أبريل 2014 16:14

لا أدري بم أبدأ الكلام عن أخي وأستاذي الكبير حمّه ولد آدبّه فهل أبدأ كلامي عنه ببعض خصاله الجمة التي أعلم الكثير منها بحكم معاشرة الطويلة له النابعة من حاجتي الدائمة إليه ذلك أنّه لم يكن أستاذنا في شتى المعارف فحسب وإنّما كنّا نتعلم منه كل المبادئ النبيلة ومجابهة المآسي الكثيرة التي تعرضنا لها الحياة بالصمود على تلك المبادئ التي رضع هو من أسرته العظيمة وكانت حياته بثا وتجسيدا لها :

1- فمن ناحية حب العلم نتيجة لذكائه الخارق المشفوع بولع لا يوصف بالتحصيل العلمي أثمر نجاحه الأول على دفعته وذهابه في منحة دراسية إلى العراق تبحر عبرها في التخصص الذي درس حتى لم يعد هناك من هو أفقه منه فيه لينصب بعمله وعلمه نفسه تمثالا على القمم الشاهقة لأعالي جبال التفكير الإسلامي و مثالا يحتذى به أقرانه في الدراسة كما كان أجداده 2- من ناحية الإيثار والتضحية من أجل الآخرين  اللذين كان يعتنقهما أتذكر أنّه بعد مشاركته في مسابقة لاكتتاب أستاذ للفلسفة الإسلامية وبعد ما كنّا متأكدين من نجاحه نظرا لمعرفتنا لمنافسيه وبعد أن أخفي ملفه داخل الجامعة عن لجنة المسابقة ونجح أحد زملائه طلبنا منه أن يطعن في المسابقة فردّ علينا رحمه الله قائلا: نجح زميل لي ثمّ أنّني لا أريد أن أساهم في هزّ الثقة بالمؤسسة الوحيدة التي يجب أن يسود الاعتقاد بأنّها صرحا علميا  يتعالى على كلّ الشبهات 3-من ناحية التعفف لم يسأل مسئولا ولم يقف ببابه ولم يداهن ولم يبع كبرياءه تراه تظنه يملك الدنيا قريبا عند ما يطلب عونه بعيدا بحاجاته عن الآخرين لذلك رحمه الله كان نبراسا أهتدي بتقليده وقراءة شعر المتنبي عند ما ينتابني الألم وله أكتب هذه الأحرف على أوثر قطعة من هشيم روحي المتشظية بفقده  لا لتأبينه والشهادة له بما أعلم فيه فحسب وإنّما لتظل جوانب من حياته مسطرة بين يدي في سطور تشكل تعاويذ تنأى بي عن الشعور بالهوان والخور والضعف والحاجة إلى غير الله وتدفع بي إلى تخوم عنفوان شماريخ الكبرياء كلمّا داستها عيناي .

القاضي : محمد ينج ولد فال

الملك في ذمة الله (سطور في تأبين بطل)