المعارضة الموريتانية بين أزماتها الذاتية وتحديات الحوار الرئاسي |
الجمعة, 04 أبريل 2014 12:52 |
إن المحاولة الجارية لإطلاق الحوار بين السلطة والمعارضة من أجل التوافق علي آلية لخوض الانتخابات الرئاسية بشكل يرضي عنه الجميع، سلطت الضوء من جديد علي المعارضة الموريتانية وما تعيشه من أزمات ذاتية بنيوية وتناقضات بشكل يصعب عليها الحوار مع النظام كل مرة لأنه لابد للمعارضة أن تتحاور أولا مع نفسها بعيدا عن المجاملات لتعرف من هو المعارض؟ ومن هو غير المعارض؟ وماذا تريد وماذا يجمع بينها؟ ووقتها يمكن للحوار أن ينجح أو علي الأقل تتجنب علي إثره الإنشقاقات. وعلي كل فإن فشل المعارضة السياسي ،الذي بدأ منذ مشاركة بعض أطرافها في أخر حكومة للرئيس السابق ولد الشيخ عبد الله إلي يومنا هذا والذي يؤدي بها دائما للفشل في الحوارات، أسبابه أعمق من ذلك بكثير ويمكن تلخيص أسباب ذلك الفشل السياسي الكبير رغم الفرص الكبيرة في الحرية والعمل السياسي التي أتيحت في البلد منذ إزاحة ولد الطايع عن السلطة علي يد محمد ولد عبد العزيز، في العوامل الرئيسية التالية -العامل الأول يتمثل فيما أسميته بظاهرة فقدان الصفاء السياسي ذلك أن المعارضة بدأت منذ إزاحة ولد الطايع تستقبل علي إستحياء بعض رجالاته السابقين لضرورات إنتخابية لكنها مع الوقت سرعان ما فقدت ذلك الحياء واستقبلت تلك الرموز المعروفة بترحاب شديد بعد إنقلاب 2008 وصارت تلك الرموز تحتل مناصب قيادية في أغلب الأحزاب الفاعلة في المعارضة أثناء حملات 2009 ومع الوقت نست المعارضة أهمية مبدأ الصفاء السياسي وما كان يمنحها من قوة فكرية زمن ولد الطايع وباتت تستقبل كل مغاضب للرئيس عزيز. وخلال المراحل السياسية كلها في السنوات الماضية تمازجت تلك الشخصيات مع المعارضة وباتت هي الفاعل الأساسي في المؤتمرات الصحفية والمسيرات والتشكيلات المختلفة والتي كان آخرها التشكيلة الفضفاضة المسماة بالمنتدي. فإذن المعارضة في صراعاتها السياسية مع الرئيس عزيز فقدت تماما خاصية الصفاء السياسي مما كلفها شعبية كبيرة وتناسقها وانسجامها أمام الرأي العام. العامل الثاني وهو لايقل خطورة عن الأول هو ما أسميته بظاهرة التذبذب السياسي الذي عانت منها جميع الأطراف الفاعلة في المعارضة في جزئها الصافي سياسيا فبعضها أيد إنقلاب 2008 ودافع عنه ثم تراجع لأسباب غير مقنعة وقام بنفس الموقف نوعا ما مع الحكومة الإنتقالية الأولي وبعض منها اقترب كثيرا من النظام 2009 ثم تراجع لأسباب غير مقنعة ثم عاد ثم تراجع وقبل كل ذلك شارك في حكومة ولد الوقف المطبعة ثم عجز عن دعم الرئيس عزيز عندما قطع العلاقات. فكل هذه التذبذبات أصابت الرأي العام بعدم القدرة علي فهم سياسة الحزب وغير ذلك من الأمثلة التي توضح ما تعيشه المعارضة من عدم استقرار سياسي. -العامل الثالث هو أن المعارضة ينافسها الرئيس عزيز اللذي يتمتع بدينامكية وحيوية فائقتين وعكس المعارضة رفع شعار تجديد الطبقة السياسية رغم صعوبة تطبيقه، ذلك علي الدولة لأنها تستمر رغم تبدل الأنظمة ولم يعتمد في حملات 2009 إلا علي التوجه للجماهير مباشرة وليس عبر وسطاء وهذا مانهجت المعارضة عكسه وللمفارقة أنها كانت تنهج ذات النهج أيام ولد الطايع وقبل أن تفقد صفائها السياسي وتصاب بالتذبذب .
العامل الأخير الذي يجعل المعارضة وخاصة بعض الأطراف الفاعلة فيها غير متحمسة لنجاح الحوار هو عدم تيقنها من شعبيتها أمام نظام له حصيلة لا بأس بها ولذلك تجد أنه ليس لديها من أوراق متبقية سوي المقاطعة أو التمنع عن المشاركة ومن ما يؤكد هذه النظرية ما حدث مع حزب تواصل فهو أكثر الأحزاب المعارضة تيقنا من شعبيته المحلية ولذلك بادر بالمشاركة في الانتخابات الأخيرة ولكنه أكثرهم تيقنا أيضا من قلة شعبيته في الرئاسيات ولذلك لوح بالمقاطعة ولم يولي اهتماما كبيرا للحوار الدائر في حين أن التكتل هو المثال العكسي لتواصل لكنه ليس متيقنا من شعبيته الرئاسية في وجه الرئيس عزيز ولذلك لا يحرص كثيرا علي الحوار . يوسف ول المهدي ولد اجيد |