الخميس, 26 يونيو 2025 10:59 |

الضمير"نواكشوط" : توطئة تمهيدية أدّى الجفاف المزمن الذي اجتاح موريتانيا منذ عدة عقود إلى إحداث اضطراب في أسلوب عيش السكان. وباستثناء زمرة محظوظة، فقدت الغالبية العظمى من المواطنين مصادر دخلها. واضطر الكثير من الناس – تحت ضغط الجوع والعطش – إلى النزوح عن مواطنهم الأصلية والتكدّس في المدن سعيا إلى تحصيل وسائل للرزق بما يقيم أوَدَهم. ولم يعد بالإمكان الاستمرار في طريقة الحياة القديمة بالركون إلى التعفّف وراء أستار الخيمة أو الكوخ بما تيسّر من زاد شحيح: قطعان قليلة من الماشية أو كميات من الحبوب يتم اقتناؤها، من هنا وهناك، عن طريق بيع نعجة، أو بقرة، أو ناقة. كان الناس سعداء لتخلّصهم من هاجس البحث عن كماليات الرفاهية. ولم يكن يهمّهم سوى التهيّؤ للحياة الحقيقية في الدار الآخرة. لكن مع تجمّع السكان في الأوساط الحضرية، أصبحت الماديات تطغى – للأسف – على الروحانيات. وهيْمنت حياة البذخ في المدينة تدريجيا على المسلكيات ودنّست الأخلاقيات. وسرعان ما تلاشت القيم العتيقة والمبادئ المثالية تحت وطأة الحياة الحضرية وزحمة متطلباتها المتنامية. وأضحى المال معيارا لكل شيء. وسيطر البحث عنه – من حِلّه وحرامه – على أذهان الجميع. لقد صار المال عصب الحياة ووسيلة البقاء. وبالفعل، تزايدت حدة الفقر بصمت وتفاقمت المعاناة. وأصبح الجميع – مع استثناءات قليلة – نَهْبًا للقلق مما يُخبّئه الغد. واختفت البهجة التي كانت مصاحبة للحياة التقليدية ولم تعد سوى ذكريات تثير الحنين. كيف العمل إذن لمواجهة هذا الوضع المتأزّم؟
|
التفاصيل
|